الفتنة في لبنان، زهرة!

أذكر في ماضٍ يبدو بعيداً.. الصدمة من اعتقال السلطات اللبنانية لميشال سماحة.. الصدمة من تجرُّئها على مستشار الرئيس، الرئيس السوري!


وأذكر الصدمة من معرفتنا أنّ شخصاً بمناصبه المتعاقبة، يعمل كشوفير متفجّرات، في أوقات فراغه..


وأذكر الصدمة الأكبر من اكتشافنا، أنّ في لبنان، لا يزال يوجد قلّة، (قلّة لكن موجودة)، تريد تفادي إشعالِ "الفتنة"، لدرجة أنّها ترفض الرضوخ إلى الـ"هيك بدّو بشار".. (وهي التبرير الذي قدّمه سماحة في اعترافاته، حين شرح أنّ المتفجّرات التي حملها بسيارته من سوريا إلى لبنان، كانت بهدف زرعها في مناطق مختلفة من البلاد، لإشعال الفتنة، لأن "هيك بدّو بشار".. في إشارةٍ طبعاً إلى الرئيس السوري)


أذكر أيضاً الصدمة التي تلتها عندما اغتالوا (أي الأيدي الآثمة) وسام الحسن، رئيس فرع المعلومات، والذي كان وراء اعتقال سماحة.. لكن حاشى الله أن نتّهم أحداً بالسيارة المفخخة التي استهدفته..


الصدمة كانت مع تفجير بير العبد.. بحثنا عن الشخصية المستهدفة، لم نجد أحداً.. بدأنا بالتأويلات، عن أنّ السياسي الفذّ الفلاني مرّ من هناك قبل يومين.. والسياسي العبقري الآخر يركن سيارة زوجته هناك.. لكنّنا لم نجد أحداً مستهدفاً.. سوى الشعب اللبناني.. كانت بداية التفجيرات الـ "لا سياسية".. لكنّها ضربت منطقة محسوبة على حزب الله، وتبنّاها لا أدري أي فصيل يقاتل في سوريا، ثم نفى.. لكنّنا نحسبها ردّاً على تدخّل حزب الله في سوريا..


تماماً كما يريدنا أن نسلّم بأن تفجير الرويس هو عمل صهيوني.. تكفيري، لكن صهيوني.. وسيردّ عليه عبر مضاعفة قوّاته في سوريا.. نكايةً باسرائيل.. هو أكيد الأمين العام أفهم منّي بالتكتيكات القتالية.. بس يعني إذا سلّمنا معك جدلاً بأن اسرائيل هي اللي فتحت الجبهة بسوريا ضد نظام الأسد الممانع، مش إذا بتحاربها بسوريا، بتكون عم تسايرها؟ وعنصر المفاجأة ما بيكون أقوى بإنّك تحرّر القدس مثلاً؟ يعني، بما إنّو اسرائيل مشغولة بالداخل السوري!!


بكل الأحوال، تفجير الرويس كان صدمةً أخرى.. وسرايا عائشة أم المؤمنين، التي لم يكن يعرف أحد بوجودها إلا المسلّحين الثلاثة الذين ظهروا في الفيديو، أيضاً صدمة..


واليوم، ومع أنّنا حُذّرنا، من أنّ السيارات المفخخة ستطال كافةَ المناطق اللبنانية، أتت طرابلس صدمة.. بعد أسبوعٍ من تفجير الرويس..


ويخرج علينا وزير الإعلام السوري، ليحقق السبق الديبلوماسي، ويقول "الأيدي الآثمة التي نفّذت تفجيرَيْ طرابلس، هي نفسها التي امتدّت على الضاحية الجنوبية الأسبوع الماضي"..


شكراً، سيد عمران الزعبي لتوضيحك مدى جبروت هذا "الجهاد العالمي" اللي نازل فينا من كل الجهات.. سنّة شيعة، لا يميّز..


ما شايفة حداً قدامها هالأيدي الآثمة..

 

تمدّ يدها وتقطف الفتنة، جائزةَ ترضية.. فالفتنة في لبنان، زهرة! نعم هي فعلاً زهرة! بيضاء اللون، قلبها أصفر، رائحتها طيّبة.. كنت أحبّ لململتَها من على الأرصفة، قبل أن تذبل..


الفتنة في لبنان زهرة، ملقاة على الأرصفة تنتظر من يلتقفها تارةً، ومن يضرم النار بها تارةً أخرى.. لا شيء غيرَها نًصب عيني "الأيدي الآثمة"، فكيف تتغاضى عنها ونحن نقدّم لها رؤوسنا على طبق من فضّة؟ نتلحّف بطائفيتنا، ونغمض أعيننا بأحقادنا..


ليتنا نستيقظ قبل موت لبنان، مرّة جديدة..

 

ملحوظة: عادةً أتفادى الدخول في الاتهامات، فيا ريت اللي بدّو يدافع عن النظام السوري ووجوده في لبنان، يمرّقلي ياها اليوم، ويسامحني، ويمتنع عن الشهامة بالدفاع.. معلِش، اليوم، ندعو إلى ضبط النفس..

Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.