الثورة ليست بريئة!

ما زلت لا أفهم معنى هذا التعبير.. أو بالأحرى، أنا لا أفهم تعبير "الثورة بريئة" أصلاً..

ما هي هذه الثورة البريئة؟

ومن قال أن البراءة يجب أن تكون إحدى صفات الثورة أصلاً؟ 

الثورة حكما لا تتحلّى بالبراءة.. لا أريد أن أحلل فلسفياً البراءة، ولا قانونيا، ولا شاعرياً، ولكن تعريفات البراءة تقترن عادة بعدم فعل الشيء، أو حتى عدم التفكير ببغض تجاه فعل أو شخص.

والثورة لا تمت بأي صلة لهذه المشاعر الطيبة من التسامح إلى إدارة الخد اليسر التي ترتبط بالبراءة!

حتّى ثورة غاندي، لم يكن فيها أي براءة. فهو كان عازماً على إسقاط الاستعمار ودفعه إلى الخروج من البلاد. لم يكن غاندي يمازح البرايطانيين، ويحبّهم دون اي ضغينة. ولم يكن غاندي يثور دون إدراك ودون ضغينة ودون كراهية.. براءة غاندي كانت بأنه اختار أن لا يردّ على العنف بالعنف. من هذه الناحية هو بريء من الدماء التي سفكت، لكنّ ثورته ليست بريئة من دماء من ماتوا لأجلها. 

 

الثورة حمراء، والبراءة بيضاء.. أبيض اللا شيء، أبيض الفراغ.. أبيض اللا-لون.. الثورة حمراء.. أحمر الدماء. أحمر الغضب. أحمر القهر. أحمر القتال. أحمر النضال. أحمر الرفض حتى الموت.

 

فهل من الممكن أن نكفّ عن التساؤل عمّا إذا كانت الثورات العربية بريئة؟ وهل من الممكن أن نكفّ عن الحكم أنها حتماً ليست بريئة؟ فهذا جدل "بيزنطي" لا يحمل أي معنى. تماماً كالبحث عن آثار المؤامرة في كل مكان. سواءً ضد الحكم أو ضد الشعب.. المؤامرة يسهل إيجادها إذا انطلقت من مبدأ انها موجودة.. فالتدخلات الأجنبية موجودة أينما كان، وكانت حتى زمن غير بعيد تتدخل غالباً لصالح الحكّام العرب وليس لصالح الشعب، وما زالت إذا أمعنّا النظر في معظم الحالات. فهي تتدخّل اوّلاً وفق مصالحها، ثم ثانياً وفق مصالحها المستقبلية، ثم ثالثاً وفق مصالح أصدقائها الحاليين، ثم رابعاً وفق مصالح أصدقائها المحتملين، ثم.. فثم.. فثم آخراً وفق مصالح الشعوب وحقوقها.

 

فكفانا تجنّي على الشعوب وتحميلها ذنب التعامل مع الخارج.

 

وبأي حق ننتقد لجوءهم إلى الخارج؟ أليس الداخل هو من يثورون ضده؟ أليس الداخل هو من يضطهدهم منذ عقود؟ أليس الداخل هو من يرميهم في السجون لأسباب تتراوح بين سحنة لا تحلو لعنصر الأمن وبين المساس بشخص الدولة والتعدّي على كرامة الوطن؟ أليس الداخل هو من يقتلهم ردّاً على مطالبتهم بأبسط الحقوق الأساسية: مثل العيش الكريم وحرّية الرأي؟

 

الثورة ليست بريئة.. هذا صحيح..

والأنظمة التي تحكم والتي ستحكم من بعدها ليست بريئة.. هذا صحيح..

والدول التي تدافع سواء عن الشعب أو عن النظام ليست بريئة.. وهذا أيضاً صحيح..

 

لكنّ الأطفال الذين يموتون في سوريا، هم أبرياء.. وهذا كلّ ما يجدر بنا التفكير فيه!

Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
5 Comments
الثورة أشبه ببركان ضد الظلم يحرق بحممه كل من يقف في طريقة و الحرق لا يقتضي أن يستخدم العنف فهناك ثورات بريئة بيضاء حرقت أوراق الأنظمة الفاسده دون عنف أو دماء تلك الثورات ثقافة يفهمها الغرب أكثر من العرب أن نتحدث عن ثورة بريئه نقصد ثورة متزنه في العفوية و في المبادئ و الأهداف التي لن يحيد عنها قطارها أما أن تتحول الثورة لصراع مسلح عنيف كما يحدث في سوريا فهي بالتأكيد أصبحت تمردا و ليس ثوره لأن البركان عندما يثور تماما كا الماء المغلي عندما يفور حيث جميع جزيئاته تصل لمرحلة الغليان للأسف هناك في سوريا من لم يتبع البركان و هم على الأرض نصف الشعب الأمر الذي أدى لنشوء الحرب الأهليه و كأنه صراع بين جزيئات المادة النشطة ضد الجزيئات الخاملة لإحداث التفاعل إنها حرب الأضداد لكن أطفال سوريا قد رسموا يوما شكلا من أشكال الثورة البريئه حين رسموا حرية بالألوان الأسير الفلسطيني سامر العيساوي أيضا مثل نوعا من أنواع الثورة البريئة بإضرابه لثمانية أشهر متتالية عن الطعام حتى المرأة عندما تتبرج وتلبس أبها زينتها لتقوم بإغراء رجل ما نوع من أنواع الثورة البريئة ضد برود هذا الرجل إنها حقيقة نظرية الثورة البريئة نمارسها كثيرا في حياتنا دون أن ننتبه لها ربما لو طورناها لإستطعنا أن نحرق أوراق الطغاة دون أن نزهق روحا واحدة . تحياتي نور الشام
أستاذ دنيمي، أملنا دائماً أن يكون الغد واعداً. للأسف، معاناة شعوب أفريقيا ناتجة اساساً من سوء إدارة الثروات الموجودة في هذه القارة الغنية. وذلك نابعٌ من أنظمة تستغل فقر مجتماعتها وجهل جزءٌ كبير منهم لتضمن إعادة انتخابها (سواءٌ أكانت انتخابات حقيقية، او ديكتاتورية المرشح الواحد والتعديلات الدستورية) لذلك اتمنى أن يكون في الربيع العربي شعلة لهذه الشعوب للقول كفى. لكن ما مدى يقين هذه الشعوب بقوتها على تغيير المعادلات القائمة في بلادها؟ سؤالٌ لا استطيع افجابة عنه للأسف، كما لا يمكنني أن أجيب عن سؤالك حول الحل. لكنني أعتب أحياناً على المنظات الإنسانية الغربية، فمعظمها يقوم بتقديم علاج سريع، بينما ما تحتاجه هذه الشعوب هو علاج طويل المدى. قلة هي المنظمات التي تدعم ذلك، وهذا برأيي يبقى مسؤولية الطبقة الواعية في هذه الشعوب. لكن النضال لتأمين كافة حقوق الإنسان قد يبدو من الكماليات عندما يناضل جزء كبير للقوت والماء. هنا المعضلة الصعبة، وهنا لا مكان للبراءة، فقط لغريزة البقاء.. وهنا تكمن قوة الأنظمة الديكتاتورية، في قجرتها على حد اهتمامات شعبها بالنضال للبقاء على قيد الحياة.
معاناة الشعوب الإفريقية جنوب الصحراء من تصحرٍ وجفافٍ وفقر ومرض، ومجاعة يعاني الملايين من الشعوب الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى، لماذا لا تجد العالم حلاً لهذه المأساة الإنسانية، لماذا لم تتغير الأحوال المعيشية وتتحسن إلى الأحسن، مع أن بعض هذه الدول تنعم بثروات هائلة في شتى المجالات من حيوانية وسمكية ومعادن وبترول وغاز ؛ بعضها قد تم فعلاً استخراجها، ولكن المأساة متكررة سنوياً، عاماً بعض عام، والموت محتوم على هؤلاء الشعوب المغلوب على أمرها، وأحياناً تجود المنظمات الغربية بالمساعدات والغذائية والطبية وغيرها، ما هو الحل الأنسب لإنقاذ الشعوب الإفريقية من الموت القادم؟ هل الانتفاضات الشعبية هي الوسيلة للعيش؟ وهل الثورات -على غرار الربيع العربي- تحمل في طياتها الدواء الناجع؟ أم أن الحكومات الإفريقية تتعظ بربيع شمال إفريقيا العربي وتحسن من أحوال شعوبها؟ في انتظار تعليقاتكم،، والغد واعد بالكثير
ثورة تعني سياسة .. والسياسة تعني جزء من اللا أخلاق وفي غياب اهم الاخلاق لا براءة سوى في الطفولة الحمراء
تحية طيبة... في كل ثورة يسقط ابرياء وهي تلك الضريبة الواجبة والذي يتحملها هو المستبد الفاسد بلا شك...! مدونة الموسوعة الحرة

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.