الزمن الجميل
خوخة في بوابة، كتاب للأسف ليس متوفراً في المكتبات للبيع. فكاتبه صاحب "كاراكتير" مميّز لا يبغى الربح ولا يبغى وجع الرأس. خسارة! فكتاب الأستاذ ابراهيم (كما نسمّيه) يحملك بعيداً في الزمن، في الذكريات، وفي الطرافة. مزيج كصاحبه: عتيق ومهضوم وعربي أصيل.
كتاب يعلّمك الكثير، عن اللغة العربية، عن الخط الفارسي وغيره، وعن رجالات قرأنا عنهم في كتب التاريخ، من رجالات الاستقلال إلى أدباء هذه الفترة. أجمل ما في الكتاب أنه ليس كتاباً تاريخياً، وليس كتاباً لغوياً. مجموعة حكايا وذكريات عن فلان وعلّان. فتشعر أنك تشرب فنجان قهوة مع الكاتب حيث يستطرد بالحديث عن الزمن الماضي، الزمن الجميل.
لطالما أغراني الزمن الجميل، لا أستطيع أن أحدد السبب. لكنني لطالما انشغلت بأم كلثوم وفيروز وفرانك سيناترا وإديث بياف. من الشرق إلى الغرب، لطالما شدّني الأبيض والأسود. ربما لبساطة الصور بدون ألوان. ربما لأن من ولدوا مثلي في نهاية الحرب الأهلية اللبنانية لم يعرفوا في صغرهم سوى ذكريات الحرب وذكريات ما قبل الحرب. ومن الطبيعي أن يكون لما قبل الحرب وقعٌ أجمل في نفوس الأطفال. نعم ربما هذا هو السبب، فما قبل الحرب، نشوة الاستقلال. ما قبل الحرب، عزة العروبة.
وعن العروبة، يتحدّث الاستاذ ابراهيم "قد ما بدك"، كما يتحدّث عن زمن كان فيه المشايخ يرسلون أبناءهم للتعلم في مدارس الرهبان. زمن عاش فيه الشيخ العلايلي في الشرقية ورفض منه الفرز الطائفي. أسماء أناس مألوفة، وأسماء غير مألوفة لكن الحكاية تستحق التعرف بالشخصية. مجموعة جميلة وطريفة، تشكل خير علاج للساعة التي أمضيها في المترو. مجموعة تجعلني مع كل جملة أبتسم ابتسامة طفل وجد حضن جدّه.. وحكايا جدّه.
للتوضيح: الخوخة هي البوابة الصغيرة المخصصة لأهل البيت والنساء والخدم وغيرهم في القصور، حيث لا يفتح الباب الرئيسي إلا لكبار الزوار.
0 Comments
Post new comment