شبابيك عاهرات

أعزائي شرفاء اليوم،

 

نعم أنا عاهرة.. عاهرة الكونغو الديمقراطية.. اغتصبت ما لا يقل عن الستين مرة، غالباً أثناء رحلاتي اليومية لجلب الطعام والماء، مرّة في تصفية للحسابات بين قبائل، و مرة كي تدفعون بعائلتي للرحيل كي تسيطروا وحدكم على الثروات التي اكتشفت في بلدتي، ومرة بدون سبب واضح، فقط للمزاج.. نعم أنا العاهرة، أمي أيضاً عاهرة مثلي، هي ايضاً اغتصبتموها على الرغم من كبر سنها.. ابنتي البالغة من العمر سبع سنوات أصبحت هي ايضاً عاهرة، بعد أن اغتصبتموها بالسكين.. زوجي رفض أن يعلن الحداد على طفلته العاهرة، عوضاً عن ذلك، طلّقني وهجر العائلة بأكملها، فهو لا يشرّفه أن يرتبط شرفه بعاهرات.. فسارعتم أنتم أيضاً لتصفوني بالعاهرة، وتتهموني بالبحث عن الاغتصاب، في حين تجبرون نساءكم مثلي على الخروج هن لتأمين لقمة العيش.. نعم نحن العاهرات، وأنتم الشرفاء..

 

 

أعزائي شرفاء اليوم،

 

نعم أنا عاهرة.. عاهرة دوار اللؤلؤة في البحرين.. نزلت لأطالب بالعدالة الاجتماعية ونصبت خيمتي ظناً مني أن وجود أنثى سيصحّي فيكم الشهامة العربية ويمنعكم من التهجم على أبنائي واشقائي، فاتهمتوني بأنني عاهرة فارسية أفتح خيمي بيوت دعارة.. نسبتم مطالبي إلى أجندات أجنبية وحوّلتم القضية إلى تحريض طائفي وأطحتم بشرفي كما أطحتم بدوار اللؤلؤة.. نعم أنا العاهرة التي طالبت بمساعدات سكنية كالتي تقدّم إلى مقرّبي الحكم.. أنا العاهرة التي تأملت بوظيفة كتلك التي تغدقون بها على المغتربين.. نعم أنا العاهرة التي أرادت تمثيلاً سياسياً عادلاً..

 

 

أعزائي شرفاء اليوم،

 

نعم، أنا عاهرة.. عاهرة ميدان التحرير.. أثرت حفيظتكم لبحثي عن استقرار البلاد عوضاً عن البحث عن زوج أستقر معه.. بحث عن سقف الثورة يحمي كافة الشعب عوضاً عن البحث عن رجل يأويني، وكأنني بدون مأوى.. اعتصمت ونصبت خيمي لأبحث عن العدالة الاجتماعية ولأحارب الفساد، فاتهمتوني بنزولي إلى الميدان لأبحث عن رجل وأحارب العنوسة.. قلت لا أريد رجلاً قبل أن أحظى بوطن، ففحصتم عذريتي، إذ لا يمكن لعذراء أن تفكر بأبعد من البحث عن ليلة الدخلة.. نعم أنا تلك العاهرة التي أرادت أن تحرركم من ذلك الغشاء الذي يعميكم، فسارعتم لتعريتي في الشارع انتقاماً من صوتي وأفكاري.

 

 

أعزائي شرفاء اليوم،

 

نعم، أنا عاهرة.. عاهرة المدونات.. كتبت بقلم فتاة تكتشف القضايا والأحلام، فاعتقلت قبل أن يتجاوز عمري تسعة عشر عاماً.. أعلنت إضرابي عن الطعام بعد قضاء سنتين في السجن، فسارعتم إلى مواقع الانترنت لتتمنوا لي الموت، ولتصفوني بالعاهرة العميلة.. عميلة لأنني كتبت عن القضية الفلسطينية والعروبة فاعتقلت.. اعتقلت لأنني مسست بكرامة الدولة وشخص الجمهورية عندما أعلنت بوقاحة العاهرة أنني "أريد أن أستلم السلطة ياسيدي ولو ليوم واحد من أجل أن أقيم "جمهورية الاحساس"".. يا لعهري! كيف لعاهرة أن تتجرأ على مخاطبة الرئيس.. وكيف لعاهرة أن تطالب بالرئاسة.. وكيف لعاهرة أن تطمح بإقامة جمهورية.. جمهورية الاحساس.. فالأحاسيس على ما يبدو لعنة العاهرات.. نعم أنا طل الملوحي، العاهرة التي لا تزال تقبع في السجن لأنها أطلقت العهر لقلمها..

 

 

ملحوظة: هذه رسالة إلى مجتمعات تقيس شرفها بين فخذي المرأة ثم تستسهل رشق نسوتها بوصمة عار..

 

للتوضيح هذا المقال لم تكتبه طل الملوحي، هو فقط يساندها لأنها بدأت إضرابها عن الطعام منذ نهار الثلاثاء وتتعرض لحملة شتائم على الانترنت منذ حينها..

 

بقلم روعة كلسينا

 

Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
157 Comments
I am still not sure what to feel or what to write about this amazing post. Thank you for sharing and keep up the excellent work. Zeina
ليترجل هؤلاء الذين يدعون الرجولة ، ويدعون من يصفهون بالضعيفات بامتطاء صهوة خيولهم حتى نرى ماذا يمكن ان يصنعن . نعم بامكانهن ان يحدثن تغيراً يزيدنا قوة معشر الرجال إن أملاً يخدوني ايتها المخلوقة الرائعة ، أرجوك ان تأخذي دوري لفترة من الزمن ، فإني على يقين بانك ستكوني أفضل مني هذا من تجربتي ، وإني أحس بالضعف أحياناً فامنحيني قوة . لقد انصفتك فلا تنسيني .
مفال رائع من من كاتبة تشرفت لاول مرة بقراءة كتباتها المتميزة وهذا التعبير هو ابلاغ رد على هذا المجتمع الذكورى العنصرى............ هذه رسالة إلى مجتمعات تقيس شرفها بين فخذي المرأة ثم تستسهل رشق نسوتها بوصمة عار..
سيدتي، أدامكم الله لنا فخرا، أدامكم نيشان فخر. أقول أدامكم لأنكم معشر النساء مشاعر و ضمير و قوة و حنان هذه الأمة. متأكد أنا أن كل شاب عربي، أن كل شاب تظاهر أو صرخ أو جرح أو قتل أو حتى اغتصب يعلق كل جروحه و اهاته على عنق امرأة محبة تهمس في اذنه بثبات و تحدي: "قاوم". متأكد أنا أنه لولا حبك سيدتي لما كان البو عزيزي ، لما كانت الثورة. لما دب التحدي بعروق الشباب. لولا همس الام و الأخت "انتصر"! لولا جمال الحبيبة أو الطفلة لما كنا.. سيدتي، ان لم يغتصبوك ضباع الليل لأغتصبونني أنا و قالوا عني الكثير، فألف شكرا لجسدك الطاهر، قد حماني من الكثير.. انتصري لنا سيدتي، كوني شمعة في أحلك الظلمات. السجان قد جار علينا و عليكم، يا معشر الجواهر، كوني لنا كلنا أم، كوني لنا كلنا مجد. كلنا معك، و كلنا منك..
تدوينة رائعة ومعبّرة وملحّة.
أستاذ باسل شكراً لتعليقك.. الذكورية باتت طغيان نعم، وطغيان يجرح أكبر عندما تمارسه النساء قبل الرجال في مجتمعاتنا... كثيرات من يبادرن قبل أي كان بنعت نظيراتهن بالعهر... المشكلة ليست فعلاً في الذكورية، بل في واقع ان الشرف في مجتمعاتنا يقاس في الجزء الأسفل من جسد المرأة، وليس في الجزء الأعلى من جسد الإنسان (ذكر أو أنثى).. هذا هو المقياس الذي يجب أن نبدأ بالتخلص منه..
لا أعرف بماذا يمكن أن أعلِّق، إنما اعرف جيداً أن الذكورية أيضاً طغيان علينا التخلص منه... شكراً لهذا المقال الرائع والذي يحرِّك العقل والإحساس والقلب أي معايير الإنسان كونه إنساناً شكراً طل الملوحي

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.